تقول الرواية المرافقة للصورة النادرة بأن أم كلثومسقطت ذات ليلة على خشبة مسرح (الأولمبياد) في باريس، لا عن إعياء أو بتأثير بذل جهد ومشقة في الغناء، أو لأن عمرها في تلك الحفلة كان (سبعين عاماً)، وحفلتها تلك في باريس كان لصالح المجهود الحربي، وهذا أدعى لتزداد قوة ونشاطاً وحيوية، فقد ذهبت لتغني في باريس عام 1968، بعد الهزيمة بنحو عام، لتؤكد على قدرة مصر والعرب على النهوض والوقوف بثبات رغم الهزيمة، ووتضيف الرواية بأن اليهود سعوا للحيلولة دون إقامة حفلتها في باريس، ولم ينجحوا. ربما علينا التفسير عن المعنى الرمزي للسقوط، فالفنانة الكبيرة سقطت على المسرح وهي تحاول تقديم المساعدة لنهوض القوات المسلحة من الهزيمة، وعلى ذلك بدا أن جبروت الصوت الطربي هزم أمام التقدم بالسن والارهاق.
وحدث السقوط وهي تغني (الأطلال)، وعندما انطلق صوتها الصداح بهذا البيت:
"هل رأى الحب سكارى مثلنا كم بنينا من خيال حولنا".
في هذه اللحظة، استبد الطرب بأحد الشبان من الجمهور، فانطلق مسرعاً وصعد إلى خشبة المسرح، وجلس أمام أم كلثوم على ركبتيه وأمسك قدمها اليمنى بكلتا يديه، عازماً وبإصرار على تقبيلها، ورفضت هي أن يقبل الشاب قدمها، وحاولت تخليص قدمها من بين يديه، فشدتها إلى الوراء، وبين شدها لقدمها وتشبث يدي الشاب بها، تهاوى جسدها، وسقطت على خشبة المسرح
ولا شك أن سقوط أم كلثوم كان مؤلماً وموجعاً جداً لها، لكن المهم أن الحادث كله من لحظة سقوطها إلى وقوفها وعودتها للغناء لم يستغرق أكثر من ثلاث دقائق، فصبرت على الألم وتحاملت على الوجع، ونهضت لتواصل غناء (الأطلال) بنفس الإبداع والقوة والإبهار.
وبذكاء حولت أم كلثوم الحادث المثير، إلى نكتة، لتخرج الجمهور من حالة التوتر وتعيده إلى جو الغناء والطرب، فبمجرد وقوفها عادت سريعاً لتغني (هل رأى الحب سكارى مثلنا) والشاب لحظتها في أيدي رجال الأمن يقودونه إلى خارج المسرح، وبذكاء أشد غنت صدر البيت على هذا النحو (هل رأى الحب سكارى بيننا) وهي تشير بيدها إلى الشاب، فزال التوتر وضحك الجمهور وانطلق يصفق بقوة ويهتف لها بحرارة أشد انبهاراً بمقدرتها الفذة على تجاوز الحادث الأليم بسرعة، وشكراً وعرفاناً لها باحتمالها الألم الشديد من أجله لتنهض من سقوطها الموجع بسرعة فائقة لتقف شامخة وتعود للغناء لتسعده بصوتها المعجزة وغنائها العبقري